الصوم بغير صلاة ؟
من الغرائب، التي تحدث في حياة طائفة من المسلمين، أن تجد منهم من يحرص على صوم رمضان، ولكنه - للأسف - لا يحرص على أداء الصلاة.
فلرمضان هيبة وحرمة عظيمة في أنفس الناس، توارثوها خلفًا عن سلف فلا يجرؤ على انتهاكها إلا فاجر، يوشك ألا يكون له أي حظ من الإسلام.
ولا
ريب أن الصلاة أعظم في ميزان الدين من الصيام، وهي العبادة الأولى وعمود
الإسلام، والفيصل بين المسلم والكافر، ولكن الجهل والغفلة، وحب الدنيا،
جعل بعض الناس يغفلون عن أهمية الصلاة ومكانتها في الإسلام، حتى إن بعضهم
ليعيش عمره ولا ينحني لله يومًا راكعًا!!.
وأصبحنا في كل رمضان نواجه هذا السؤال المتكرر: ما حكم من يصوم ولا يصلي؟.
أما
من يقول: إن تارك الصلاة كافر، كما هو ظاهر بعض الأحاديث، وهو مروي عن عدد
من الصحابة والفقهاء مثل أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهما -
ففتواه واضحة في شأنه، فهو يرى أن صومه باطل، لأنه كافر بترك الصلاة،
والصوم لا يُقبل من كافر.
وأما من يرى رأي جمهور الفقهاء
من السلف والخلف: بأن تارك الصلاة فاسق، غير كافر، وأن الله لا يضيع عنده
عمل عامل، ولا يظلم مثقال ذرة: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره. ومن يعمل
مثقال ذرة شرًا يره) (الزلزلة: 7،8) فهو يرى أنه مؤاخذ بترك الصلاة، مثاب على أداء الصيام، وأن
عقابه على ترك فريضة، لا يلغي ثوابه على تأدية غيرها. والله تعالى يقول:
(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا وإن كان مثقال حبة
من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) (الأنبياء: 47).
وإذا
نظرنا من الناحية العملية والتربوية، فماذا يفيدنا أن نقول للصائم بغير
صلاة صومك وعدمه سواء، ولا أجر لك عليه؟ فربما دفعه هذا إلى ترك الصوم كما
ترك الصلاة وبهذا ينقطع آخر خيط كان يصله بالدين من الفرائض والعبادات،
وربما ذهب بسبب هذا الموقف بعيدًا عن الدين إلى غير رجعة!.